مفهوم المراجعة

لقد تعددت التعاريف الخاصة بالمراجعة و تركز جلها على تبيان أهدافها، فنجد أن المراجعة عرفت على أنها "طريقة منظمة للحصول بموضوعية على أدلة و قرائن الإثبات بخصوص ما هو ظاهر على الدفاتر و السجلات حول الأحداث الاقتصادية للمؤسسة وتقييمها للتأكد من درجة التماثل بين ما هو مثبت وهذه الأحداث وفق مقاييس معينة، ونقل النتائج إلى الأطراف المعنية" [1].

وعرفت على أنها " اختبار تقني صارم و بناء بأسلوب منظم من طرف مهني مؤهل و مستقل، بغية إعطاء رأي معلل على نوعية ومصداقية المعلومات المالية المقدمة من طرف المؤسسة، و على مدى احترام الواجبات في إعداد هذه المعلومات في كل الظروف وعلى مدى احترام القواعد والقوانين والمبادئ المحاسبية المعمول بها في صورة صادقة على الموجودات و الوضعية المالية ونتائج المؤسسة "[2].

كما عرف خالد أمين المراجعة " بأنها فحص أنظمة الرقابة الداخلية والبيانات والمستندات والحسابات والدفاتر الخاصة بالمؤسسة تحت التدقيق فحصا إنتقاديا منظما، بقصد الخروج برأي فني محايد عن مدى دلالة القوائم المالية عن الوضع المالي لتلك المؤسسة في نهاية فترة زمنية معلومة، ومدى تصويرها لنتائج أعماله من ربح أو خسارة في تلك الفترة "[3].

و عرفت منظمة العمل الفرنسي المراجعة " أنها مسعى أو طريقة منهجية مقدمة بشكل منسق من طرف مهني يستعمل مجموعة من تقنيات المعلومات والتقييم بغية إصدار حكم معلل و مستقل، استنادا على معايير التقييم، وتقدير مصداقية وفاعلية النظام والإجراءات المتعلقة بالتنظيم "[4] .

وعرفت المراجعة " أنها عمل فحص يسمح بتقييم الإجراءات المحاسبية والإدارية وغيرها، في نشاط أي مؤسسة بهدف ضمان شرعية و مصداقية المعلومات من أجل المسيرين، المساهمين، البنوك والمنضمات الحكومية "[5] .

كما نجد أن كلا من Bouquinو Bécourعرف المراجعة " أنها النشاط الذي يطبق باستقلالية و وفقا لمعايير الإجراءات المترابطة والفحص بقصد التقييم ومدى الملاءمة، و درجة الثقة، وسير جميع أجزاء النشاط داخل المؤسسة وهذا وفق معايير المحددة لها "[6] .

من خلال هذه التعاريف المختلفة للمراجعة نجد جلها جاءت لتبين المفهوم التقليدي للمراجعة الذي يشمل فحص العمليات المالية، التي أثبتت في الدفاتر والسجلات من واقع المستندات، والتأكد من صحتها ودقتها طبقا للمبادئ والمعايير المحاسبية المتعارف عليها، وذلك بشكل يجعل المراجع مقتنعا بأن البيانات المالية توضح بصدق المركز المالي للمؤسسة بتاريخ معين، و أن حساب النتيجة – سواء كان ربحا أو خسارة – يظهر حقيقة نتيجة النشاط خلال تلك الفترة المالية.

و لكي يصل المراجع المالي إلى مستوى الاقتناع فإن عليه الحصول على كافة المعلومات والإيضاحات التي يراها ضرورية تبعا لما ورد في الدفاتر والسجلات، وما نصت عليه القوانين العامة في البلاد والنظام الأساسي في المؤسسة التي يقوم بمراجعة حساباتها.

و إذا لم يقتنع المراجع بهذه الأمور، فعليه أن يشير إلى ما وجده مخالفا في تقريره على شكل تحفظات تمثل اعتراضه على هذه المخالفات.

و حتى تتم هذه العمليات بكفاءة، فإنها يجب أن تعتمد على أسس و قواعد و معايير منطقية و ثابتة محددة لظروف إنجازها.

كما نلاحظ أن جل هذه التعاريف تتميز بالاتساع والعمومية ومن خلال تحليلها يبدو أنها تتميز بالخصائص التالية:

1- جاءت هذه التعاريف شاملة لكافة أنواع و ميادين المراجعة المختلفة مثل:

- المراجعة الخارجية والتي تمارس بطريقة حيادية مستقلة بواسطة مراجع حسابات خارجي سواء تعاقدي أو قانوني.

- المراجعة الداخلية والتي تجريها الإدارة بواسطة شخص -خلية- مؤهل ويعمل داخل المؤسسة.

2- جاءت هذه التعاريف جلها تؤكد على ضرورة جمع الأدلة و القرائن وتقييمها بطريقة موضوعية:

بمعنى أن الأدلة و القرائن متعددة وليس من السهل الحصول عليها، لذلك يجب جمعها بطريقة موضوعية ودقيقة، بما يعرف عنه حنكة وصبر في العمل دون تحيز أو تسرع نتيجة لأهوائه الشخصية وبشكل عقلاني ومقنع تستخدم فيه خبرته وسعة إطلاعه بشكل يسمح بتقييم هذه الأدلة بكل واقعية.

3- جاءت هذه التعاريف جلها تحدد نتائج أنشطة و أحداث اقتصادية:

بمعنى أن مهمة المراجع تشمل إضافة لفحص المعلومات الواردة في القوائم المالية، جميع الأنشطة الأخرى والمتضمنة أيضا فحص نظام المحاسبة والعمليات الناتجة عنه، و فحص نظام الرقابة الداخلية للتأكد من فعاليته وتحديد مدى الاعتماد عليه، كما على المراجع الاهتمام بالهدف المراد تحقيقه بالمؤسسة، والواجب عليه أخذه بعين الاعتبار عند تقييمه للأنشطة المحققة.

4- جاءت هذه التعاريف جلها تحدد معايير مقررة مسبقا:

بمعنى أن عمل المراجع يستند إلى قواعد موضوعة بدقة ومفهومة إلى حد كبير لدى جميع الأطراف ذات العلاقة وهي تتمثل في معايير المراجعة الحيادية والذي يستند عليها المراجع الخارجي و المبادئ المحاسبية المقبولة و المتعارف عليها، والمعايير المقررة للمراجعة الحكومية والمتمثلة في اللوائح والقوانين التي تعمل من خلالها الإدارات الحكومية، وغيرها من المعايير الأخرى والتي تراعي الرقابة الداخلية.

5- جاءت هذه التعاريف جلها تحدد ضرورة إيصال نتائج عملية المراجعة للأطراف المعنية:

بمعنى أن عمله وسيلة من وسائل -الثقة- الاتصال بين معدي القوائم المالية وبين مستعمليها عن طريق التقرير المتضمن الرأي الفني المحايد كنتيجة عمل المراجع .

من خلال هذه الخصائص المتشابهة لدى معظم التعاريف يمكن الخلاص إلى تعريف شامل يتضمن كل ما سبق، و به يمكن القول أن المراجعة " هي عبارة عن عملية فحص لكم هائل من المعلومات، وفق مجموعة من الأدلة و القرائن بواسطة استقصاءات معينة من قبل شخص ذا تأهيل علمي و مهني، يعمل على إضفاء الصبغة الشرعية والصحيحة والسليمة على القوائم المالية الخاصة بفترة زمنية محدد، وذلك تبعا لمجموعة من المعايير الموضوعية تعكس احتياجات الأطراف المعنية لتلك القوائم المالية، وتوصيل نتيجة هذا الفحص لمستخدمي هذه القوائم المالية لتحديد مدى الاعتماد عليها ".

أما إذا أردنا أن يعطى تعريف للمراجعة وفق مدخل نظامي فيمكن اعتبار المراجعة " نظام مدخلاته هي مادة المراجعة -جميع السجلات و الدفاتر و الأدلة و القرائن- يتم معالجتها وفق مجموعة من العمليات - اختيار العينات ، الفحص، التأكد ، التقييم الاستقصاءات و .....- للخروج بالمخرج النهائي لهذا النظام والمتمثل في التقرير النهائي وبالضبط الرأي الفني المحايد "، ويظهر هذا النظام من خلال الشكل التالي:

سجلات و دفاتر محاسبية. - قوائم مالية. - قرائن و أدلة الإثبات (لوائح، قوانين، إجراءات، ملف العمل).

- اختيار العينة. - القيام بعملية الفحص. - اختيار الأدلة الدامغة. - التأكد من خلال الأدلة. - إعداد التقرير. التحقق من مدى الالتزام الجبائية والمحاسبية

التقرير النهائي أو الرأي الفني المحايد.

---

[1]- AICPA, Auditing Concepts Committee, “Report of committee on Basic Auditing Concepts”, The Accounting Review, vol. 47. Sept, 1972, p.72.

نقلا عن محمد أمين، علم تدقيق الحسابات، دار وائل- عمان. الأردن، الطبعة الأولى 1999، ص 11.

[2]- LIONNEL.C et GERARD.V : Audit et Control Interne, Aspects Financiers, Opération et Stratégiques, 4^eme Edition, Dalloze, Paris 1992, p.17.

نقلا عن محمد التهامي طواهر، مسعود صديقي، المراجعة وتدقيق الحسابات، ديوان المطبوعات الجامعية الجزائر ب ط، 2003، ص 09.

- خالد أمين، مرجع سبق ذكره، ص 13. [3]

[4]- LIONNEL.C et GERARD.V. op.cit. P22.

نقلا عن محمد التهامي طواهر، مسعود صديقي، مرجع سبق ذكره،ص 10.

[5]- Encyclopedia, France , 2003, CD.

[6] -J.C.Becour, H.Bouquin. Audit Opérationnel, 2^eme Edition, Economica, Paris. 1996. p12.